من أنا ؟!

 (٩)



في مطلع رواية "عالم صوفي " كتب أستاذ الفلسفة "البرتو كنوكس"سؤال على ورقة صغيرة لا تتجاوز مساحة الظرف و عليها جملة واحدة فقط : من أنتِ ؟


مرسلة ل"صوفي" التي لا تعلم أساساً أنها ستعيش فصلاً مدهشاً من الأسئلة اللامتناهية عن كل شيء .


 من أنتِ ؟

 فعلاً من أنا !.


هل أستعين بنظريات الفيزياء منذ بداية الانفجارات الكونية ، أو أشرح بطريقة علم الأحياء و كيف أن الانقسام و الإندماج بين الخلايا قد يصنع مخلوقاً حي من بكتيريا في طبق زجاج ، إلى أعجوبة تكون جنين في رحم أمه . 


إن لم تصادف سؤال واحداً على الأقل في حياتك يجعلك تبحث عن أجوبة بغض النظر عن جنون أو إعتدال ماتستنتج فحياتك مملة يا صديقي .


لأني لا أعتقد أن هناك حقيقة مطلقة إلا الموت . 

 كل شيء قابل للتغير و التحول إلا الموت ؛ هل رأيت أحد من الموتى يعود للحياة مرة آخرى ؟! . 


فعلياً أنا عبارة عن مادة لها كتلة وتأخذ حيز من الفراغ في هذة الأرض الكروية إذا سمح لي من يؤمن بأن الأرض مسطحة على هذة الجملة. و أصنف من الثديات و لدي جهاز تناسلي مميز إذا باستطاعتي الحمل و الولادة و خلق حياة جديدة مقارنة بالذكور ! . 


لم يكتفي الفيلسوف "ألبرتو" بزرع شكوكه فيّ من أكون و سأل مرة ثانية : من أين جاء هذا العالم ؟

 سؤال عميق لدرجة أن لا إجابة له .


هل أجيب بطريقة تربية والدي؟! كانا منشغلان جداً في إطعامنا أنا و إخوتي مما جعلهم لا يدركون خطورة عدم التحدث معنا عن هذا العالم و من أين جاء و المهم كيف سينتهي !!.


 أما بطريقة تعليمي في المدرسة ؟!  التي لا أتذكر أبداً أننا تطرقنا للعالم أساساً كان أشد اهتماماتهم أن يكون لون حذائي أسود و لا أرتدي طوقا أحمر و أن أتبع التعليمات و أحافظ على معدلي الدراسي و أتخرج في أسرع وقت ممكن  !! .


 أم بطريقة مجتمعي الديني الملتزم ؟! بسيطة جدا الله خلق الأرض و أنزل آدم و حواء من الجنة و من هنا بدأ كل شيء. و إن سألت عن شيء أثار فضولي أو لم أجده منطقيا بالنسبة لي ، أو أريد أن يتضح لي،  يقابلني دائما عتاب شديد بأنه لا حق لي في السؤال أو التساؤل عن ما لا يستوعبه عقلي البشري المتواضع !! . 


ما خطر في عقلي الآن عندما قرأت سؤاله مرة آخرى؛ هو أني لا أعلم من أنا و لا من أين جاء هذا العالم و متى بدأ  و متى سينتهي . قد يكون الانفجار الكوني كون هذة المجرات اللامتناهية العمق و هذة السماء وهذة الأرض التي نعيش عليها . و غالباً لا يهمني من أين و إلي أين ؛ لطالما عشت بلا تساؤلات حتمية . لقد ولدت بلا إرادة حرة و سأموت رغماً عني  !! . 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة